-->

Contact Form

Name

Email *

Message *

Monday 27 June 2011

Bab Kalam Hasyiat Al Khadhary Syarah Alfiah Ibnu malik

Keterangan lafazh (كاسْتَقِمْ) Hasyiat Al Khadhary Syarah Alfiah Ibnu malik Keterangan lafazh Hasyiat Al Khadhary Syarah Alfiah Ibnu maliBab Kalam Hasyiat Al Khadhary Syarah Keterangan lafazh ( kata kalimat kalam pernertian ari Hasyiat Al Khadhary Syarah Alfiah Ibnu malik Keterangan Hasyiat Al Khadhary Syarah
Bab Kalam Hasyiat Al Khadhary

 حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك

محمد بن مصطفى  الخضري الشافعي

Keterangan Bab Kalam

الكَلاَمُ وَمَا يَتَأَلَّفُ مِنهُ

هذه الترجمة كسائر التراجم خبر لمحذوف. لكن فيها حذف مضافين أي هذا باب شرح الكلام، وشرح ما يتألف منه اختصر لوضوحه على حد: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ}(طه: 96)
أي من أثر حافر فرس الرسول، والأَوْلى أنه اختصر على التدريج بأن حذف المبتدأ ثم خبره وهو باب، وأنيب عنه شرح المضاف إليه، ثم شرح وأنيب عنه الكلام، وقيل دفعةٌ لأنه أقل عملاً. فالكلام، على هذا، إما نائب عن الخبر وحده، أو عنه مع المضاف إليه، ورفع لشرف الرفع على الجر ولأنه إعراب المضاف المقصود بالذات. وأما المبتدأ فمقدر على كل حال لم ينب عنه شيء ويجوز كونها مبتدأ حذف خبره. أي باب الكلام هذا الآتي أو مفعول لمحذوف أي خذ لا هاك كما قيل لأن اسم الفعل لا يعمل محذوفاً وما واقعة على الكلمات الثلاث التي يتألف منها الكلام وقد شرحها بذكر أسمائها وعلاماتها كما شرح الكلام بتعريفه، وذكر الضمير المجرور مراعاة للفظ ما، والضمير في يتألف عائد للكلام فهو صلة جرت على غير ما هي له ولم يبرز لأمن اللَّبْسِ عند الكوفيين، وإن أوجبه البصريون مطلقاً بل قيل: محل الخلاف في ضمير الوصف. أما الفعل، كما هنا، فيجوز فيه عدم الإبراز مع أمن اللبس قولاً واحداً، لكن في الهمع والتصريح أن الفعل كالوصف في الخلاف المذكور أفاده الصَّبَّان.


قوله: (كاسْتَقِمْ) إن جُعِلَ من تتمة التعريف فهو في محل رفع صفة ثانية للفظ لا لمفيد. لأن النعت لا ينعت مع وجود المنعوت؛ أي لفظ كائن كاستقم، أو في محل نصب إما لمفعولٍ مفيد المحذوف على حذف مضاف؛ أي مفيد فائدة كفائدة استقم. وعلى هذا حل الشارح أو نائب عن المفعول المطلق كذلك أي مفيد إفادة كإفادة استقم، وإن جعل مثالاً بعد تمام الحد فهو خبر لمحذوف أي وذلك كاستقم. وعلى كل فالكاف داخلة على استقم لقصد لفظه فلا حاجة لتقدير كقولك: استقم على أن حذف المجرور وإدخال الكاف على معموله لا يصح في مثل ذلك كما سيأتي في الموصول.
قوله: (واسْمٌ الخ) خبر مقدم، والكلم مبتدأ مؤخر. أي الكلم اسم وفعل وحرف أي منقسم إليها واعترض بأنه ليس من تقسيم الكلي إلى جزئياته لأن المقسم، وهو الكلم، لا يصدق على قسم بمفرده بل على ثلاثة ألفاظ فصاعداً ولا من تقسيم الكل إلى أجزائه، لأنها لو كانت أجزاءه، لانعدم بانعدام بعضها مع أنه يتحقق بثلاثة ألفاظ، وإن كانت من نوع واحد.


الجواب: إما باختيار الثاني والمراد بيان أجزائه في الجملة، أي التي يتركب من مجموعها لا من جميعها كما قاله سم. أو ما يسمى أجزاء في العرف وإن لم تتوقف عليها الماهية كَشَعْرُ زَيْدٍ وَظُفْرُهُ، أو باختيار الأول والتقسيم إما باعتبار أن الكلم اسم جنس يصدق بحسب وضعه على القليل والكثير كما سيأتي، فيصدق على كل قسم أنه كلم بحسب الوضع دون الاستعمال كما قرره الجوهري أو باعتبار واحده، وهو لفظ كلمة، كما قاله الأشموني فكأنه قال واحد الكلم اسم الخ. ولا شك أن لفظ كلمة يصدق على كل من الثلاثة باعتبار مفهومه لاذاته. وأشار الشارح كالتوضيح إلى أن في الكلام تقديماً وتأخيراً وحذفاً والأصل الكلم واحده كلمة وهي اسم، الخ. فجملة واحدة كلمة خبر الكلم واسم الخ خبر لمحذوف يعود لكلمة المراد لفظها لكن باعتبار مفهومها؛ لأنه المنقسم إلى الثلاثة ففيه استخدام وهذا كله على أن الكلم اسم جنس جمعي يفرق بينه وبين واحدة بالتاء فيصدق على ثلاثة ألفاظ فصاعداً. وقال ابن هشام في بعض تعاليقه: الظاهر أنه أراد أولاً بيان انحصار جميع الكلمات العربية في الثلاثة، كقول سيبويه: هذا باب علم ما الكلم في العربية؟ الكلم اسم وفعل وحرف. فكأنه قال: الكلمات التي يتألف منها الكلام هذه الثلاثة لا غيرها، أي فالكلم جمع بمعنى الكلمات المعهودة عند النحاة، ويكون العطف مُلاَحظاً قبل الإخبار، ثم أراد بقوله: واحده كلمة بيان أن المسمى في الاصطلاح كلمة هو أحد هذه الثلاثة لا غيرها من الألفاظ المهملة ا هـ. وهذا الوجه أولى لخلوه عن التكلفات المارة وعليه فتذكير الضمير في واحدِهِ لتأولها بالمذكور فلا حاجة إلى الاستخدام بعَوْدِ الضمير إلى الكلم بمعناه الاصطلاحي.


قوله: (ثُمَّ حَرْفٌ) أتى بثم إشارة إلى انحطاط رتبة الحرف عن قَسِيمَيْهِ، وتركها في الفعل لضيق النظم، ولا يكفي في بيان رتبها في الشرف ترتيبها في الذكر لأن المؤخر قد يكون أشرف نحو: لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الجَنَّةِ}
(الحشر: 20)
. قوله: (وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ) أي واحدُ معنى الكلم أي جزء ما صدق عليه الكلم وهو أحد الثلاثة ألفاظ فأكثر يسمى كلمة كما أفاده سم ويحتمل أن المعنى واحده إلى مفرده الاصطلاحي هو لفظ كلمة، وهذا على أن المراد به اسم الجنس الجمعي، أما على أنه جمع بمعنى الكلمات، فقد مر بيانه في كلام ابن هشام.
قوله: (عَمَّ) هو كغيره من الألفاظ المشددة الموقوف عليها في الشعر يجب تخفيفها لصحة الوزن، وهو إما فعل ماض بمعنى شَمَلَ، أو اسمُ فاعل أصله عامٌّ حذفت ألفه تخفيفاً كَبَرٌّ في بارَ، أو للضرورة، أو هو أفعل تفضيل حذفت همزته للضرورة. والأول أحسن لفظاً لخلوه عن تكلف الحذف، والأخير أحسن معنًى لإفادته أن القول يعمُّ جميعها ومجموعها، إذ أفعل التفضيل يقتضي المشاركة وزيادةً؛ فينفرد عن كل واحد في آخر منها وعن الجميع في نحو: غُلاَمُ زيدٍ كما سيبين، وأما الفعل فلا يفيد ما ذكر إلا بتقدير عَمَّ الثلاثةَ وغيرها.


قوله: (وَكِلْمَةٌ) مبتدأ سوَّغَهُ قصد لفظها، لأنه المحكوم عليه هنا لا التنويع كما في المكودي لأنه إنما يسوغ ما قصد معناه لا لفظه، وبها متعلق بيَؤُمُّ، وكلام مبتدأ ثانٍ سوغه كونه نائب فاعل في المعنى كما قاله العرب، وهو يستعمل هذا المسوغ كثيراً، ويبعد أنه من غير سند فما قيل إنهم لم يذكروه في المسوغات مردود، وأما جعل المسوغ إرادة الحقيقة، فَيَرُدُّهُ أن الكلمة لم يقصد بها حقيقة الكلام بل ما صدق عليه أنه لفظ مفيد. إلا أن يراد الحقيقة في ضمن الأفراد، وفيه ما سيأتي في قوله: فعل ينجلي وجملة قد يؤم بمعنى يقصد خبر الثاني، والجملة خبر الأول، وقد فصل بين المبتدأ الأول وخبره بمعمول خبر الثاني، وهو بها للضرورة.


قوله: (عبارة) أي مُعَبَّرٌ به عن اللفظ، وهو في اللغة: مصدرُ لَفَظْتُ الشَّيْءَ من باب ضَرَبَ إذا طَرَحْتُهُ مُطْلَقاً، أو من الفم خاصةً لكن صرح في الأساس بأنَّ لَفَظَتِ الرّحَى الدَّقيقَ مَجَازٌ، وفي عرف النحاة: صوتٌ مُعتَمِدٌ على مخرج من مخارج الفم محقق كاللسان، أو مقدر كالجوف، وسمي ذلك لفظاً لأنه هواء مرمي من داخل الرئة إلى خارجها. فهو مصدر أريد به المفعول كالخلق بمعنى المخلوق، وهذا التعريف لِلَّفْظِ أولى من قولهم صوت مشتمل على بعض الحروف لأنه يرد على ما هو على حرف واحد كواو العطف. إذ الشيء لا يشتمل على نفسه، وإن أجيب عنه بأنه من اشتمال العام، وهو الصَّوت، على الخاص، وهو بعض الحروف إذ الحرف مجموع الصوت وكيفيته، وهي الاعتماد على المقطع على ما اختاره السعد في المقاصد لا الصوت فقط، ولا الكيفية فقط، فإن قيل: وجود اللفظ محال لتوقفه على الحرف المتوقف على الحركة لامتناع النطق بالساكن، والحركة متوقفة على الحرف لأنه صفة له قائمة به وأنه دور. قلنا: هو على أن الحركة مع الحرف دَوْرُ مَعِيَ لا سَبْقِيَ فلا يضر والحق أنها بعده، وإنما لشدة المقاربة تتوهم المقارنة، ثم اللفظ له أفراد محققة هي ما يمكن النطق بها بالفعل كزيد أو بالقوة كالمحذوفات من نحو مبتدأ أو خبر لتيسر النطق بها صراحة. وكذا كلامه تعالى قبل تلفظنا به من الألفاظ المحققة بالقوة لذلك. وأما كلام الملائكة والجن فإن ثبت أن النحاة إنما يتكلمون على ما يتلفظ به البشر دون غيرهم فهي كذلك وإلا فهي محققة بالفعل، وإلى الأول يشير قول الشنواني: المراد باللفظ في تعريف الكلام جنسُ ما يتلفظ به لتدخل كلمات الله والملائكة والجن ا هـ. وأما كلامه تعالى النفسي فليس بحرف ولا صوت، وله أفرادٌ مقدرة وهي ما لا يمكن النطق بها أصلاً، وهي الضمائر المستترة إذ لم يوضع لها ألفاظ حتى ينطق بها، وإنما عبروا عنها باستعارة لفظ المنفصل تصويراً لمعناها وتدريباً



للمتعلم؛ كما قال الرضي وأما تقسيمها إلى مستتر وجوباً وجوازاً فإنما هي تفرقةٌ اصطلاحية، ولا مشاحة في الاصطلاح، وإطلاق اللفظ عليها حقيقي كما قاله الروداني لا مجاز لأنهم أجروا عليها أحكام الألفاظ المحققة من الإسناد إليها، وتوكيدها والعطف عليها.

قوله: (فَائِدَةٌ يَحْسُنُ السُّكُوتُ علَيْهَا) أُخِذَ هذا القيد من قوله: كاستقم كما سيصرح به، وفيه ما سيأتي والمراد سكوت المتكلم على الأصح، وبحسنه عَدَّ السامعُ إياه حسناً بأن لا يحتاج في استفادة المعنى إلى لفظ آخر لكونه مشتملاً على المحكوم به وعليه. والمراد بتلك الفائدة النسبة بين الشيئين إيجاباً كانت أو سلباً، وإن كانت معلومة للمخاطب كما اختاره أبو حيان.
قوله: (فاللَّفْظُ جِنْسٌ) لم يخرج به الدَّوَالُّ الأربع، لأن شأن الجنس الإدخال وما لم يتناوله يقال خرج عنه لا به، وبعضهم أخرجها به نظراً لأن بين الجنس وفصله العموم الوجهي فيخرج بكل ما دخل في الآخر. والدَّوالُّ هي الكتابة والإشارة، والعقد بالأصابع الدالة على أعداد مخصوصة، والنَّصْبُ كغرف، وهي العلامات المنصوبة كالمحراب للقبلة جمع نصبة كعقدة، أما النُّصُبُ بضمتين فالأصنامُ.
قوله: (وبعض الكلم) أي بعض ما يصدق عليه الكلم، فإنه يصدق بالمفيد وغيره من كل مركب من ثلاثة ألفاظ فأكثر كما سيأتي.
قوله: (وَهُوَ) أي بعض الكلم الذي خرج ما تركب الخ.


قوله: (إلاّ من اسْمَينِ) ظاهرِهُ الحصرُ، وهو قول ابن الحاجب وَوَجَّهَ السيدُ بأن الإسناد نسبة فلا يقوم إلا بشيئين: مسندٍ، ومسندٍ إليه وهما إما كلمتان، أو ما يجري مجراهما. وما عداهما من الكلمات التي تذكر خارجة عن حقيقة الكلام عارضة لها. واعتمد ابن هشام أن ذلك أقل ما يتركب منه. وفضله في شرح القطر بأن صور تراكيب الكلام ستة: اسمان فعل واسم كما مثل، ومن الثاني المنادى. فإن يا نائبة عن أدعو وما بعدها فُضْلَةٌ لأنه مفعول به. فعل واسمان نحو: كان زيد قائماً. فعل وثلاثة أسماء: كعلمت زيداً قائماً. فعل وأربعة أسماء: كأعلمت زيداً عمراً قائماً. السادسة: جملتان كجملة القسم وجوابه، والشرط وجوابه ا هـ. وبقي عليه المركب من اسم وجملة نحو: زيد أبوه قائم، وعلى هذا فالحصر إضافي بالنسبة للتراكيب الممنوعة كفعلين، أو فعل وحرف مثلاً.
قوله: (كَزَيْدٌ قَائِمٌ) اعترض بأن الوصف مع مرفوعه اسمان، وبأن التنوين من حروف المعاني، فالأولى التمثيل بذا أحْمَدُ، وَرُدَّ الأول بأن الوصف مع مرفوعه المستتر في حكم المفرد؛ لعدم بروزه في تثنية ولا جمع وأما نحو: قائمان وقائمون فالألف والواو فيه حرفا تثنية وجمع، والضمير مستتر بخلافهما مع الفعل، والثاني بأن التنوين ليس بكلمة اتفاقاً لعدم استقلاله كألف المفاعلة، وياء التصغير والنسب، ولذا زاد في التسهيل قَيْدَ الاستقلال في حد الكلمة لإخراج هذه.

قوله: (كقام زيد) أظهر الفاعل لأن الماضي مع الضمير المستتر لا يسمى كلاماً على الأصح، إذ لا تحصل الفائدة من الفعل إلا إذا كان الضمير واجب الاستتار كما في التصريح. وناقشه يس بأن قام في جواب: هل قام زيد. كلام قطعاً فكيف يشترط وجوب الاستتار؟ ا هـ ويمكن حمله على غير الواقع جواباً مما لم يعلم فيه مرجع الضمير.


قوله: (فاسْتَغْنَى بِالْمِثَال الخ) أي فالمثالُ تتميمٌ للحَدِّ، وفيه أن المفيد مع عرف النحاة لا يطلق إلا على ما يحسن السكوت عليه، وأما المفيد فائدة ما كَغُلامُ زَيْدٍ، فيسمى مفهماً لا مفيداً. فلا حاجة للاحتراز عنه كما حرره ابن هشام، ومن ثم جعله سم وغيره لمجرد التمثيل لتمام الحد بدونه. ولم يذكر التركيب مع أنه لم يشذ عن اشتراطه إلا ابن دُحْيَة. ولا القصد مع أن الجمهور ومنهم س والمصنف في التسهيل على اشتراطه ليخرج كلام النائم والسَّاهي ومحاكاة الطيور نظراً إلى أن الإفادة تستلزمهما إذ ليس لنا مفيد غير مركب. وحسن سكوت المتكلم يستدعي قصده لما تكلم به، لكن فيه أن دلالة الالتزام مهجورة في التعاريف، فالأولى جعل المثال تتميماً من حيث إغناؤه عنهما كما فعل ابن الناظم، لا لما قاله الشارح وإن كان تمثيلاً من جهة الإيضاح وزاد في التسهيل كونه مقصوداً لذاته لنخرج جملة الصلة والصفة، والحال، والخبر لأن إسنادها لم يقصد لذاته بل لتوضيح الموصول مثلاً لكن يغني عنه المفيد لأن هذه لم تفد لنقص إسنادها بتوقفها على ما هي قيد له. قال الشاطبي: ولا بد من قيد الوضع العربي ليخرج كلام الأعاجم. إذ مدار بحث النحاة على التفرقة بين كلام العرب وغيرهم. وقد يكون قوله: كاستقم إشارة إلى هذا القيد. ا هـ والأصح أنه لا يشترط اتحاد المتكلم إذ المتفقان على أن يقول: أحدهما قام والآخر زيد كلُّ منهما متكلم بكلام تام وإنما اكتفى بإحدى الكلمتين لتصريح الآخر بالأخرى، واختار أبو حيان وغيره عدم اشتراط القصد، ولا تُجَدَّدُ الفائدة والله أعلم.


قوله: (ليعلم أن التعريف الخ) رد بأنه معلوم من الخُطْبَةِ. وقد يجاب بأنه نبه عليه أيضاً في أول مسائل الفن زيادة في البيان ليكتفي به في كل مسألة وقع التخالف فيها، أو أن فائدة الإضافة الإشارة إلى اختلاف الاصطلاحات في تعريف الكلام لا مجرد أنه في النحو. فمحط تعليل الشارح قوله: لا في اصطلاح اللغويين وقيل: فائدتها الإشارة إلى أنه من مُجْتَهِدي النُّحَاةِ.
قوله: (في اللُّغةِ) هي ألفاظ يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. قال الأمير في حواشي الشذور وذلك لا يظهر في نحو قولهم: في كذا لغتان. ولغة تميم إهمال ما لا يتكلف كأن يقال: في هذه المادة لفظان موضوعان كلٌّ بهيئة مخصوصة، ولفظ تميم الموضوع عندهم ما المهملة. فالأحسن أن تفسر باستعمال الألفاظ حتى يكون المعنى في كذا الاستعمالان. واستعمال تميم إهمال ما ويؤيد ذلك أن اللغة مصدر لَغَى إذا لُهِجَ بالكلام، وإطلاق المصدر على الاستعمال أنسب من الألفاظ المستعملة، ويكون معنى قولهم: كتب اللغة كتب بيان استعمال الألفاظ في معانيها ا هـ. قلت وهذا أيضاً لا يظهر في نحو قولهم: واضع اللغة هو الله تعالى، أو البشر إذ الموضوع إنما هو الألفاظ لا استعمالها. فالأحسن أن لا يقتصر على أحدهما بل تفسر في كل مقام بما يناسبه. والصحيح أن واضعها هو الله تعالى لا البشر.وعرفها الخلق إما بوحي كما روي أن الله عَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا}

(البقرة: 31)
الموضوعة بكل لغة، وعلمها آدم لأولاده فلما افترقوا في البلاد تفرقت اللغات، أو بخلق علم ضروري في أناس بمعنى اللفظ وقيل بالوقف لعدم القاطع. ومحل الخلاف أسماء الأجناس أما أسماء الله تعالى والملائكة فواضعها الله اتفاقاً. وأعلام الأشخاص واضعها البشر اتفاقاً كما قاله ابن الهمام في تحريره.


قوله: (اسْمٌ لِكُلِّ الخ) مثله في مختار الصحاح كما في ابن الميت، ومقتضاه، أنه يشمل المهمل لكن يخالفه قول المصباح: إنه عبارة عن أصوات متتابعة لمعنى مفهوم.m وقول القاموس: إنه عبارة عن القول، وما كان مكتفياً بنفسه أي كالخط، والإشارة إلا أن يحمل قوله أو غير مفيد على فائدة الكلام النحوي فلا ينافي اختصاصه بالمستعمل، وإطلاقه على نحو الخط مجاز وإن ذكره القاموس لأنه لا يفرق بين الحقيقة والمجاز، ويطلق حقيقة على الحدث وهو التكلم كقوله:
4 ــــ قَالُوا كَلاَمُكَ هِنْداً وَهْيَ مُصْغِيَةٌ
يَشْفِيكَ قُلْتُ صَحِيح ذَاكَ لَوْ كانَا(2)
وهو اسم مصدر لِكَلِم وعلى المعنى القائم بالنفس قال الأخطل:
5 ــــ إنَّ الكَلاَمَ لَفِي الفُؤَادِ وَإِنَّمَا
جُعِلَ اللِّسانُ على الفُؤَادِ دَليلا(3)
والأصح أنه حقيقة أيضاً.
قوله: (وَالْكَلِمُ اسْمُ جِنْسٍ الخ) أعلم أن اسم الجنس مطلقاً؛ موضوع للماهية من حيث هي، ثم إن صدق على القليل والكثير كماء وضرب سمي إفرادياً، وإن دل على أكثر من اثنين وفرق بينه وبين واحده بالتاء بأن يتفقا في الهيئة، والحروف ما عداها كَتَمْرٍ وَتَمْرَةٍ أو بالياء كَرُوم وَرُومِيَ سمي جمعيًّاً، والفرق بينه وبين مشابهه من الجمع كَتَخِم وتَخِمَة، أن الغالب في ضميره التذكير مراعاة للفظه، وفي الجمع التأنيث وكونه جمعيًّا إنما هو بحسب الاستعمال، فلا ينافي وضعه للماهية من حيث هي كما قاله الرضي وبقي ما يصدق على واحد لا بعينه. كأَسَدٍ وسماه بعضهم أحادياً إذا علمت ذلك. فالكلم اسم جنس جمعي لا إفرادي كما قيل لعدم صدقه على القليل، ولا جمع لغلبة تذكيره نحو: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ}
(فاطر: 10)
يْحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}
(المائدة: 13)


ولا اسم جمع لتميز واحده منه بالتاء واسم الجمع لا واحد له من لفظه كَقَوْم وَرَهطٌ وَإبِلٌ ونساء وطائفةٌ وجماعةٌ، أو له واحد لا كذلك مع كونه ليس من أوزان الجموع كَصَحْبٌ وَرَكْبٌ، أو منها مع إجراء أحكام المفرد عليه كتصغيره والنسب إلى لفظه كما جعلوا رِكَابَ اسم جمع لِرُكُوبَةٍ لأنهم نسبوا إلى لفظه، والجموع لا ينسب إليها. قوله: (وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ الخ) فيه إشارة للإعراب المارَّ.

قوله: (لأنَّها إِنْ دَلَّتْ الخ) دليل لانحصارها في الثلاثة، والنحويون مجمِعون على هذا إلا من لا يعتد بخلافه في اسم الفعل. وقول الفراء في كلا ليست اسماً ولا فعلاً ولا حرفاً إنما هو تردد من أيها هي لتعارض الأدلة عنده لا أنها خارجة عنها. والأصح أنها حرف، وترد للزجر إذا تقدمها ما يزجر عنه نحو: كلا إنها كلمة، وللجواب كأي إذا تلاها قسم نحو: كَلاَّ وَاْلقَمَرِ}
(المدثر: 32)
والاستفتاح كألا إذا خلت عن ذلك نحو: كَلاّ إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى}
(العلق: 6)
انظر المغني وحواشيه. قوله: (فِي نَفْسِهَا) خرج به الحرف وفي إما سببية في المواضع الثلاثة أي دلت بسبب نفسها لاستقلالها، والحرف بسبب انضمام غيره لعدم استقلاله فله معنى في نفسه لكن لا يستقل بإفادته، وهو مذهب البيانيين ولذلك أجروا فيه الاستعارة التبعية، أو ظرفية مجازاً باعتبار فهم السامع المعنى من اللفظ فكأنه كامن فيه، وعلى هذا فلا معنى للحرف أصلاً، وإنما يدل على معنى غيره وهو المشهور عند النحاة.


قوله: (غَيْرُ مُقترِنَةٍ الخ) خرج به الفعل لا نحو: أمس، والآن فإن مدلوله نفس الزمان لا إنه مقترن به. والمراد غير مقترنة بأحد الأزمنة وضعاً لا بمطلق زمن لئلا يخرج نحو: الصَّبُوحُ وهو: الشرب أول النهار، والغَبُوقُ وهو: الشربُ آخره، والقِيلُ وهو: الشرب وسطه، فإن معناها مقترن بمطلق زمن كالصباح ولا يعلم أهو ماض أم غيره. أما الفعل فيقترن وضعاً بأحد الأزمنة على التعيين، وكون المضارع للحال والاستقبال لا يضر لأنه لم يوضع إلا لأحدهما. ووضع للآخر بوضع ثانٍ، فلذا يحصل فيه اللبس. ودخل بقولنا وضعاً الوصف كاسمي الفاعل والمفعول فإن كونه حقيقة في الحال ليس من وضعه، بل بطريق اللزوم من حيث إنَّ الحدث المدلول له لا بد له من زمن. ولا يكون حاصلاً حقيقة إلا في حال إطلاقه. وأما اسم الفعل فمدلوله لفظ الفعل عند الجمهور، ولا زمن فيه أصلاً وخرج به نحو: عسى، وليس، ونعم، وفعل التعجب لاقترانها به وضعاً. ولذا يثبت لها آثار الفعلية فتلحقها التاء، وترفع الفاعل لكن لما خرجت إلى معنى الإنشاء، أو النفي تجردت عنه ولا يخرج العلم المنقول من فعل كأحمد لأنه لم يقترن بالزمان في وضع العلمية، وأما وضعه الأصلي، فقد انسلخ عنه فتدبر.


قوله: (فِي غَيْرِهَا) اعترض بشموله الأسماء الموصولة، وضمير الغائب والكاف الاسمية، وكم الخبرية، وأسماء الاستفهام والشرط، لأن كلاً منها دالٌّ على معنًى في غيره. وأجاب الرضي: بأن الموصول والضمير معناهما شيء مبهم، وهو مستقل في نفسه، وإنما يحتاج للصلة، والمرجع لكشف إبهامهما لا لدلالتهما عليه. والكاف الاسمية معناها: المثل، وهو معنى مستقل بخلاف الحرفية، فمعناها المشابهة الحاصلة في الغير، وكذا كم الخبرية معناها: شيء كثير لا الكثرة التي هي معنى رُبَّ. وأما اسم الاستفهام والشرط، فكل منهما يدل على معنى في نفسه، وعلى معنى في غيره نحو: أَيُّهُمْ ضَرَبَ، وَأَيُّهُمْ تَضْرِبُ أَضْرِبُ. فإن معنى الاستفهام متعلق بمضمون الكلام، ومعنى الشرط موجود في الشرط والجزاء. وأي في الموضعين دالة على ذات وهي معنى مستقل فسلم الحد ا هـ نكت.

قوله: (المَوْضُوعُ لِمَعْنَى مُفْرَدٍ) ظاهر إطلاقه، واقتصاره في المُحْتَرِزِ على المهمل أن اللفظ يسمى كلمة بمجرد وضعه وإن لم يستعمل فانظره.
قوله: (أَخْرَجَ الكَلاَمُ) أي والكلم أيضاً وكذا المركب الإضافي فليس بكلمة، كما إنه ليس كلاماً، ولا كَلِماً بل قول مركب. أما العلم الإضافي، فمجموع الجزئين كلمة حقيقة، وكل منهما كلمة اصطلاحية.


قوله: (يَعُمُّ الجَميعُ) أي عموماً مطلقاً. لأنه اللفظ الموضوع مفرداً كان أم لا، مفيداً أم لا، فينفرد عن كل واحد في آخر منها. وعن الجميع في نحو: غُلاَمُ زَيْدٍ، ولا ينفرد واحد منها عنه. فعلى هذا، يشترط في كل منها الوضع فلا يسمى المهمل كلاماً ولا كلماً ولا كلمة، كما لا يسمى قولاً وحينئذ كان الأولى للمصنف أخذ القول جنساً في تعريف الكلام لكونه أقرب من اللفظ والجواب، بأن القول لما شاع استعماله في الرأي والاعتقاد، صار كالمشترك المهجور في التعاريف. رد بأن محل هجره مع عدم القرينة والمقام هنا قرينة ظاهرة في إرادة اللفظ فهو أولى من الجنس البعيد.
قوله: (قَدْ يُقْصَدُ بِهَا الكَلاَمُ) أي مجازاً مرسلاً عند النحاة، واللغويين أيضاً كما صرح به الشنواني على القطر من إطلاق الجزء على الكل. وهذا المجاز مهمل في عرف النحاة البتة. ومن ثم اعترض على المصنف في ذكره حتى قيل: إنّه من عيوب الألفية التي لا دواء لها. لكنه ذكره تبرعاً تنبيهاً على كثرته في نفسه وإن لم يستعمل عندهم. وقرر بعضهم أن المراد بالكلمة ما صدقها لا لفظاً، أي بعض ما يسمى كلمة يراد به الكلام وذلك البعض كأحرف النداء النائبة عن أدعو، وأحرف الجواب النائبة عنه كنعم في جواب: هَلْ قَامَ زَيْدٌ؛ فلا مجاز أصلاً، وهو في غاية الحسن.
قوله: (وقَدْ يَجْتَمِعُ الكَلاَمُ وَالكَلِمُ الخ) فبينهما العموم الوجهي، وأما الكلمة فتباينهما.
قوله: (إِنْ قَامَ زَيْدٌ) يلغز بذلك فيقال أي قول: إنْ نقص زادَ، وإن زاد نقص، أي إن نقص لفظه زاد معناه وعكسه.


قوله: (بِالجَرِّ) إما متعلق بحصل، وللاسم خبر أو عكسه، والتمييز مبتدأ سوغه الوصف بحصل، أي التمييز تمييز الحاصل بالجر الخ كائن للاسم، أو الحاصل للاسم كائن بالجر. وفيهما تقديم معمول الصفة على الموصوف، ومنعه البصريون لأن الصفة لا تتقدم. فكذا فرعها إلا في الضرورة، وسهله هنا معها كونه ظرفاً. قال الإسقاطي وجوزه الكوفيون، والزمخشري اختياراً، وخرج عليه: وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَولاً بَليغاً}

(النساء: 63)
بناء على تعليق في بليغاً، أو أن تمييز مبتدأ وبالجر متعلق به وهو الذي سوغه، وحصل خبر، وللاسم متعلق به أو عكسه، أي التمييز بالجر، حصل للاسم، أو التمييز للاسم حصل بالجر. وفيهما تقديم معمول المصدر عليه، ويسهله كونه ظرفاً وتقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ وهو ممنوع؛ لأن الخبر الفعلي لا يتقدم. فكذا فرعه لكن جاز هنا للضرورة مع توسعهم في الظروف على أن الأصح جوازه مطلقاً لأن المنع في الخبر لئلا يوهم كون المبتدأ فاعلاً. وذلك منتفٍ مع معموله أفاده الصَّبَّان وغيره. وقد يقال في تقديم المعمول: الفصل بينه وبين عامله بالمبتدأ، وهو أجنبي لأنه ليس من معمولات الخبر. وقد صرحوا في باب الاشتغال بمنع النصب في: زَيْدٌ أَنْتَ تَضْرِبُهُ. للفصل المذكور كما سيأتي، فكيف يسوغ هذا الأصح مع ذلك إلا أن يقال صاحب هذا القول لا يعتبر الفصل المذكور، لكونه ليس أجنبياً محضاً لعمله في الخبر مع أن الفعل قوي العمل، أو أنه لا يمنع الفصل إلا مع تأخر الأجنبي والمعمول عن العامل لا مع تقدمها. فتأمل فإنَّ فيه دقة وأعاريبُ البيت تنيف على السبعين.



قوله: (عَلاَمَاتُ الاسْمِ) أي بعضها، ولم يستوفهما كما يرشد إليه قول الشارح فمنها ومنها دون أولها، وثانيها إذ بقي منها الإضافة، وعود الضمير إليه كعوده على أل الموصولة في: أَفْلَحَ المُتَّقِي رَبَّهُ والجمع، والتصغير وإبدال اسم صريح منه، نحو: كَيْفَ أنْتَ أَصَحِيحٌ أَمْ سَقِيمٌ؟ وموافقة ثابت الاسمية في لفظه كنزال الموافق للفظ حذام الثابت الاسمية، أو في معناه كَقَطُّ وعِوَضُ وحَيْثُ فإنها بمعنى الزمن الماضي، والمستقبل، والمكان وغير ذلك. والفرق بين العلامة والتعريف أنها تطَّرد ولا تنعكس، أي يلزم من وجودها الوجود، ولا يلزم من عدمها العدم. فالمغلب فيها جانب السبب لأنها توافقه في شق الوجود لا الشرط لمخالفتها له في الشقين. وأما التعريف فيجب اطِّراده وانعكاسه إلا عند من جوز التعريف بالأعم أو الأخص. فإن قلت: سيأتي أن الكلمة إذا لم تقبل هذه العلامات لم تكن اسماً فقد لزم من عدمها العدم. فكيف تكون علامة؟ قلت: لزوم العدم ليس من حيث كونها علامة، بل لأنه لما انحصرت العلامات كلها كانت مساوية للازمها. وهو المعلم والملزوم المساوي يلزم من عدمه العدم، كالإنسان وقابل الكتابة، أما على كل علامة بخصوصها فملزوم أخص فلا يلزم من عدمها العدم فتدبر.
قوله: (فمِنْها الجَرُّ) عرفوه على أن الإعراب لفظي بالكسرة التي يحدثها عامل الجر، وفيه قصور لعدم تناوله ما ينوب عنها إلا بذكره، ودور لأخذ المعرف في التعريف. وأجيب: بأن الجر ذكر لبيان العامل. لا لأنه جزء من التعريف فلو حذف ما ضر، أو هو تعريف لفظي، وعلى أنه معنوي بأنه تغيير مخصوص علامته الكسرة وما ناب عنها.



قوله: (الجَرُّ بالحَرْفِ والإضافَةِ والتَّبَعِيَّةِ) الصحيح أن الجار هو المضاف لا الإضافة، وأن العامل في التابع ليس التبعية بل هو عامل المتبوع من حرف، أو مضاف إذ لا عامل للجر غيرهما حتى في المجاورة، والتوهم كما حققه ابن هشام في شرح اللمحة، ولم يذكر الشارح هذين لندرتهما. قال الجلال: ومذهب الناظم أنّ المضاف إليه مجرور بالحرف المقدر فذكر الحرف شامل له إلا أن يراعى مذهب غيره.
قوله: (لأَنَّ هذا لا يَتَنَاوَلُ الخ) عورِضَ بأن الحرف يتناول المبنيات، وَعَنْ، وَعَلى، والكاف الاسميات. إذ يستدل على اسميتها به لا بالجر لعدم ظهوره. ففي كل ما ليس في الآخر نعم الحرف يدخل على غير الاسم ظاهراً. كعَجِبْتُ مِنْ أَنْ قُمْتَ فيوقع المبتدىء في الخطأ والجر. وإن كان كذلك في نحوِ: يَومَ يَنْفَعُ. لكنه ليس ظاهراً في الفعل حتى يوقع في الخطأ بخلاف الحرف، وقد يراد بالجر الظاهر والمقدر والمحلى، فلا يخرج ما ذكره.
قوله: (وَمِنْهَا التَّنْوينُ) استشكل عده علامة. بأن معرفة أقسامه الآتية فرع عن معرفة الاسم، إذ لا يعرف كونه للتمكين مثلاً إلا إذا عرف أن مدخوله اسم مُعْرَبٌ منصرف. فكيف يكون علامة له؟ وأجيب بأن المستدل به مطلق النون الآتية لا خصوص الأقسام، وهو لغة: مصدر نوّنت أي صوَّت، أو أدخلت نوناً على الكلمة. نقل اصطلاحاً إلى نفس النون المدخلة أعني النون الساكنة الزائدة التي تلحق الآخر وصلاً لا خطاً ووقفاً. فهو من إطلاق المصدر، إما على آلته لأن النون يحصل بها التصويت لكونها حرفاً أغن، أو على المفعول فخرج بالساكنة النون الأولى من ضيفن. وأما الثانية فتنوين، وبالزائدة نون إذن سواء كتبت ألفاً وهو الصحيح، أو نوناً لعدم زيادتها وبلحوق الآخر نون انكسر ومنكسر. وكذا نون إذن لأنها نفس الآخر لا لاحقة له. وقوله وصلاً لبيان الواقع كما قاله: يس}
(يس: 1)


وبلا خطاً الخ تنويه الترنم، والغالي الآتيان في الشرح لثبوتهما خطاً ووقفاً، وحدفهما وصلاً وإنما يطلق عليهما التنوين مجازاً للمشابهة الصورية. لا يقال يخرج به أيضاً تنوين المنصوب لأنه يثبت في الخط ألفاً لأنا نقول: المنفي ثبوت النون بنفسها لا مع بدلها. فإن قلت حينئذ: تدخل النون الخفيفة في نحو: لَنَسْفَعاً}
(العلق: 15)
لأنها ترسم ألفاً. عند الكوفيين فتكون كتنوين المنصوب سواء أجيب بأن هذا التعريف على مذهب البصريين من كتابتها نوناً فهي خارجة بقيد لا خطاً. كما خرج به التي في فعل الجماعة والمخاطبة لأنه تكتب نوناً اتفاقاً. ومن يراعي مذهب الكوفيين يزيد قيد لغير توكيد لإخراجها، وحذف بعضهم قيد السكون والزيادة لأن ما خرج بهما يخرج بما بعدهما.

قوله: (تَنْوينُ التَّمْكِينِ) ويسمى تنوين التمكن والأمكنية لدلالته على تمكن الاسم في باب الاسمية، وعدم مشابهته الحرف والفعل وتنوين الصرف؛ لصرفه عن تلك المشابهة.
قوله: (وهو اللاحق للأسماء المعربة) أي المنصرفة معرفة كانت أو نكرة. ولذا مثل برجل رداً على من جعله للتنكير لبقائه مع زوال التنكير إذا سمي به، ودعوى أنه زال وخلفه تنوين التمكين تعسف. وجوز الرضي كونه تمكيناً لكون الاسم منصرفاً وتنكيراً لكونه نكرة، وبعد التسمية يتمحض للتمكين لكن يعكر عليه أن تنوين التنكير مخصوص بالمبنيات كما في الشرح، إلا أن يمنع ذلك فتدبر.
قوله: (لِلأَسْمَاءِ المَبْنِيَّةِ) أي لبعضها، وهو العلم المختوم بويه، واسم الفعل، واسم الصوت، وهو في الأول قياسي، وفي الأخيرين سماعي. فما سمع منوناً وغير منون كصه ومه، وحيهل جاز فيه الأمران. وما سمع منوناً فقط، كواهاً بمعنى أتعجب، وويهاً بمعنى أغر فلا يجوز تركه. وما سمع غير منون كنزالِ فلا يجوز تنوينه.
قوله: (وسيبويه آخَرَ) أي رجل آخر مسمى بهذا الاسم فهو نكرة لتنوينه.


قوله: (لجَمْعِ المُؤَنَّثِ) المراد به ما جمع بألف وتاء مزيدتين؛ وإن لم يكن مؤنثاً ولا سالماً.
قوله: (لأَنَّه في مقابلةِ النُّونِ) معنى ذلك كما قاله الرضي أن كلاً من هذا التنوين، ونون الجمع قائم مقام تنوين المفرد في الدلالة على تمام الاسم. ولا يُرَدُّ أَنَّ مفرد هذا الجمع قد لا ينون كَفَاطِمَةَ، لأن تنوين ما لا ينصرف مقدر فهو قائم مقامه. وكذا يقال في جمع المذكر الذي لا ينون مفرده كإبراهيمون، والدليل على أنه للمقابلة لا للتنكير ثبوته في المعربات. ولا للتمكين ثبوته فيما لا ينصرف منه، وهو ما سمي به مؤنث (كَأَذْرُعَاتٍ) وتنوين التمكين لا يجامع منع الصرف. وفيه ما قاله الصبان إنّ من ينون المسمى به ينظر إلى ما قبل العلمية فلا يعتبر الاجتماع المذكور، كما أن من يمنعه الصرف ينظر إلى ما بعدها، ومن يجره بالكسرة ولا ينونه يعتبر الحالتين. ولذا أسقط صاحب اللب هذا القسم، ووجهه شارحه بدخوله في التمكين.
قوله: (وَتَنْوِينُ العِوَضِ) إضافة بيانية، ويقال: تنوين التعويض بإضافة المسبب إلى سببه.
قوله: (وَأَتَى بِالتَّنْوِينِ عِوَضاً عَنْهُ) أي وكسرت. إذ على أصل التخلص من الساكنين لا كسرة إعراب بالإضافة خلافاً للأخفش، لبقاء افتقارها إلى الجملة معنى. ولا يضر حذفها لفظاً كحذف الصلة لدليل كقوله:

6 ــــ نَحْنُ الأُلى فاجْمَعْ جمُو
عَكَ ثُمَّ وَجِّهْهُمْ إِليْنَا
أي الأُلى عرفوا بالشجاعة. ولقيام التنوين مقامها فكأنها مذكورة. ولو سلم ففيها سبب آخر وهو الشبة الوضعي، وإضافة حين إليها من إضافة الأعم للأخص كَشَجَرِ أَرَاكٍ وفاقاً للدماميني، لأن الحين مطلق زمن وإذ زمن مقيد بما تضاف إليه، ومثلها يومئذ.


قوله: (وَهُوَ اللاَّحِقُ لِكُلِّ) أي ولبعض قال في التصريح والتحقيق: أنه تنوين صرف يذهب مع الإضافة، ويثبت مع عدمها. ا هـ. ويمكن الجمع بأنه للتمكين لصرف مدخوله مع كونه عوضاً عن المضاف إليه.
قوله: (لِجَوارِ) جمع جارية تطلق على السفينة والشمس لجريهما في البحر، والفلك، وعلى نعمة الله لجريها على عباده، وعلى فتية النساء كما في القاموس أي لجريها في حاجتها مثلاً فهي في الأصل صفة، ثم جرت مجرى الأسماء، وغلبت في الأخير. وظاهر القاموس إطلاقها على المرأة، وإن كانت حرة، وهو كثير في استعمال العرب فتخصيصها بالأمة عرفٌ طارىء منشؤه حديث: «لاَ يَقُلْ أَحدُكُم عَبْدِي وَلا أَمَتِي فَإنَّ العَبْدَ وَالأمَة لله وَلْيَقُلْ غُلاَمي وَجَارِيَتي». أو كما قال صلى الله عليه وسلّم.


قوله: (ونحوهما) أي من كل اسم منقوص منع الصرف جمعاً كما مثل. أو مفرداً كَأُعَيَّمَ تصغير أعمى فإنه ممنوع من الصرف للوصفية، ووزن الفعل لأنه كادَّحْرَجَ وابَّيْطَرَ. وكون تنوينه عوضاً عن حرف هو مذهب سيبويه، والجمهور.والراجح بناؤه على تقدم الإعلال لتعلقه بجوهر الكلمة، على منع الصرف الذي هو حال من أحوالها، فالأصل جواري وأعيمي بتنوين الصرف حذفت ضمة الرفع وكسرة الجر لثقلهما على الياء ثم الياء لالتقاء الساكنين، ثم التنوين لوجود صيغة الجمع في الأول. ووزن الفعل في الثاني تقديراً؛ لأن الياء لحذفها لعلة كالثابتة، ولذا يقدر عليها الإعراب لا على ما قبلها، فلما زال التنوين خيف من رجوع الياء لزوال مانعها وهو التنوين فعوضوا عنها تنويناً لينقطع طمع رجوعها. وبعضهم بناه على تقدم منع الصرف، فأصله جواري بلا تنوين حذفت الضمة لثقلها على الياء. وكذا فتحة الجر لنيابتها عن ثقيل ثم الياء للتخفيف، وعوض عنها التنوين وإنما لم يراعِ جره بالفتحة على الأول. كهذا لأنه لا يمنعه إلا بعد الإعلال. ومذهب المبرد(2) والزجاج(3) أنه عوض عن حركة الياء بناء على تقديم منع الصرف، ثم حذفت الياء لالتقائها ساكنة مع تنوين العوض، وبقي مذهب رابع للأخفش وهو أنه تنوين صرف لزوال صيغة مفاعل، ونحوها بحذف الياء فصار كليان وسلام، وعلى هذا قراءة: وِلَهُ الجَوَارِ}

(الرحمن:24)
بضم الراء(4).
قوله: (رَفْعاً وَجَرّاً) وأما النصب، فيظهر على الياء لخفته.
قوله: (يَلْحَقُ القَوافِي) أي في لغة تميم وقيس بدلاً عن حرف المد. والقافية آخر البيت، وهي من الحرف المحرك قبل أول ساكنين يقعان في الآخر إلى انتهاء البيت على الصحيح.
قوله: (المُطْلَقَةُ بِحرْفِ عِلَّةٍ) أي التي أطلقت عن السكون فتحركت، وامتد بها الصوت بسبب حرف علة يقع في آخرها.


قوله: (أَقِلِّي اللَّوْمَ) قائلُه جريرٌ وأقلي بكسر اللام أمر للمؤنثة. واللَّوْمَ بفتح اللام العذل والتعنيف. وعاذل منادى مرخم عاذلة وأصبت بفتح الهمزة، وضم التاء أي إن نطقت بالصَّواب فلا تنكريه بل قولي لقد الخ، أو بكسر التاء أي إن أردت أنت النطق بالصواب بدل اللوم فقولي، وجواب الشرط محذوف يفسره قولي ولقد أصابن مقول القول. والشاهد في العتابن واصابن إذ أصلهما: العتابا وأصابا عوض التنوين عن المد، وقصد الشاهد على الثاني لكونه هو القافية مردود بأن البيت المقفى ينزل كل من شطريه منزلة البيت الكامل كما بين في العروض.
قوله: (لِتَرْكِ التَّرَنُّمِ) أي لأن هذه النون قطعت مد الصوت بالروي الذي هو الترنم، فتسميتهما بذلك على حذف مضاف. وقيل لأن الترنم يحصل بالنون نفسها لكونها حرفاً أغن وليس الترنم خصوص المد المذكور.
قوله: (أَزِفَ التَّرَحُّلُ الخ) ساقط في نسخ وقائله زياد بن معاذ الشهير بالنابغة لنبغه بالشعر بغتة بعد تعذره عليه. وأزف بالزاي والفاء وروي: أفد بالفاء والدال المهملة، وكلاهما بوزن فهم، وبمعنى قرب.
l والترحل أي الرحيل فاعله. والركاب اسم جمع للإبل التي يسار عليها واحدها راحلة، ولا واحد لها من لفظها كما في الصحاح. وقيل واحده ركوبة كما مر، ولما نافية وتزل بضم الزاي مضارع زال التامة بمعنى تذهب. والرحال جمع رحل وهو مسكن الرجل ومنزله، ولعل المُراد بها الخِيَم التي تحمل على الإبل، أو أن الباء بمعنى من. وكأن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي وكأنها قد زالت وذهبت. والاستثناء منقطع أي قرب الرحيل لكن ركابنا لم تذهب مع عزمنا عليه. والشاهد في قدن حيث أبدلت النون من الياء إذ أصله قدي بكسر الدال وإشباعها للروي، وفيه شاهد آخر وهو حذف الفعل بعد قد.


قوله: (الغَالِي) من الغلو وهو الزيادة، ومجاوزة الحد لأنه زائد على الوزن في آخر البيت للترنم بالنون أو ليؤذن بالوقف، إذ الشعر المسكن آخره للوزن لا يدري أفيه واقف أنت أم واصل، فهو كالخزء بمعجمتين وهو زيادة أربعة أحرف فأقل في أوله.

قوله: (المُقَيِّدَةُ) أي التي يكون رويها حرفاً صحيحاً ساكناً.
قوله: (وَقَاتِمِ الأَعْمَاقِ الخ) قَالَهُ رَؤْبَةُ بنُ العَجَّاجِ وَبَعْدَهُ:
7 ــــ مُشْتَبَهِ الأَعْلامِ لَمَّاعِ الْخَفَقْنْ
أي ورُبَّ مكان قاتم الأعماق أي مظلم النواحي من القتام، وهو الغبار. والأعماق ما بعد من أطراف المفازَة مستعار من عمق البئر، والخاوي الخالي والمخترق بفتح الراء الطريق الواسع لأن المار يخترقه. ومشتبه الأعلام أي مختلط العلامات، ولماع الخفقن أي شديد لمعان البرق من قولهم خفق البرق خفقاً، وخبر مجرور رب محذوف أي قطعته مثلاً كما في العيني وقيل: مذكور بعد في القصيدة والشاهد إدخال النون بعد القاف الساكنة للوزن، فيحتاج لتحريكها تخلصاً من السكونين. قال في التصريح. والمشهور كسر ما قبله كصه ويؤمئذ، واختار ابن الحاجب الفتح حملاً على ما قبل نون التوكيد الخفيفة. قال الموضح: وسمعت بعض العصريين يسكن ما قبله، ويقول: الساكنان يجتمعان في الوقف، وهذا خلاف ما أجمعوا عليه. ا هـ ولا يبعد أن يخص هذا الخلاف بالمبني أصالة كالحرف، أما الاسم والفعل المعربان فيحركان بما يقتضيه الإعراب كالكسر هنا، والضم في البيت الآتي فتأمل.


قوله: (وَظَاهِرُ كَلاَمِ المُصَنَّفِ الخ) قد علمت أن تسميتهما تنويناً مجاز، فلا تشملها عبارته لأن الشيء إذا أطلق إنما ينصرف لحقيقته. وبقي من الأقسام التنوين للحكاية، كأن تسمي رجلاً بعاقلة فيمنع الصرف للعلمية والتأنيث اللفظي، وتنوينه حينئذ لحكاية أصله، وللضرورة. وهو قسمان: تنوين ما لا ينصرف والمنادى المفرد في الشعر، وللتناسب كقراءة: سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاَ}
(الإنسان:4)
وللشذوذ في هؤلاء؛ وجعل ابن هشام الحكاية والضرورة مبيحين للصرف ولإعراب المنادى. ويمكن مثله في التناسب لكن خالفه الدماميني، وجعلها أقساماً مستقلة غير الصرف. وأما الشاذ فاختار المصنف أنه كنون ضيفن. كثر به اللفظ وليس بتنوين وقد جمعها المصنف بقوله:
أَقْسَامُ تَنْوِينِهِم عَشْرٌ عَلَيْكَ بِهَا
فَإِنَّ تَقْسِيمَهَا مِنْ خَيرِ مَا حرِزا
مَكْنٌ وعوض وَقَابِل وَالمُنْكَرَ زِدْ
رَنَّمْ أو احْكِ اضطرّرْ غالِ وَمَا همزا
قيل أشار باضطرَّرْ للضروري بقسميه، وبما همز للشاذ. وقوله زد تكملة ولا يبعد أنه أشار للتناسب فتدبره.
قوله: (يَخْتَصُّ بِهِ) الباء داخلة على المقصور، فالتنوين مقصور على الاسم لأن معانيه الأربعة لا توجد في غيره.

قوله: (فيَكُونَانِ فِي الاسْمِ) ذكر الشارح مثال الترنم في الثلاثة، والغالي في الاسم، ومثاله في الفعل كقوله:
8 ــــ أَحَارِ بنَ عَمْروٍ كَأَنّي خمَرْنْ
وَيَعْدُو على المَرْءِ ما يأْتَمِرْن
وفي الحروف:
9 ــــ قَالَتْ بَنَاتُ العَمِّ يَا سَلْمَى وإنْنْ
كَانَ فَقِيراً مُعْدَماً قَالَتْ وإنْنْ


قوله: (النِّدَاءُ) هو بضم النون وكسرها مع المد والقصر، وكلها سماعية ما عدا الكسر مع المد لأنه مصدر نادى، ومصدر فاعل الفعال. وحقيقته طلب الإقبال بيا أو إحدى أخواتها. وإنما اختص بالاسم لأن المنادى مفعول به، وهو لا يكون إلا اسماً. وأما دخول يا على الحرف في نحو: يَا لَيْتَ قَوْمِيَ يَعْلَمُونَ}
(يس:26)
«يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة». وعلى الفعل في قراءة الكسائي ألا يا اسجدوا} بتخفيف إلا فلمجرد التنبيه، ولا يلزم ذكر المنبه بل تكفي ملاحظته عقلاً. وقيل: المنادى محذوف تقديره يا هؤلاء مثلاً.
قوله: (وِالأَلِفُ والّلامُ) أي المعرّفة كالرجل، أو الزائدة كالحارثِ وطلب النفس دون الموصولة لدخولها على المضارع اختياراً عند الناظم، والاستفهامية لدخولها على الماضي في نحو أل فعلت بمعنى هل فعلت.
قوله: (والإِسْنَادُ إِلَيْهِ) قال ابن هشام: هو أنفع العلامات لأنه دل على اسمية نحو الضمائر كتاء ضربت. وما الاستفهامية في نحو: الحَاقَةُ مَا الحَاقَةُ}
(الحاقة:1)
والموصولة في نحو: إِنَّمَا صَنَعوا كَيْدُ سَاحِرٍ}
(طه:69)
إن قدر العائد أي صنعوه. وإلا فهي حرف مصدري أي إن صنعهم وفيه علامة أخرى، وهي عود الضمير إليها، وليست إنما أداة حصر، لأنه كان يجب نصب كيد بصنعوا مع أنه خبر إن. فإن قلت قد ورد الإسناد إلى الفعل في نحو: (تَسْمَعُ بالمَعِيدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ) وقوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ يُرِيَكُمُ البَرْقَ}.
(الروم:24)


وقولهم زعموا مطية الكذب، وإلى الحرف نحو: من حرف جر. أجيب بأن الإسناد في الأخيرين لقصد اللفظ، وهو اسم قطعاً فإن الكلمة إذا أريد لفظها كانت اسماً له. ومدلولها اللفظ الواقع في التراكيب. فإذا قيل: ضرب: فعل ماض. فالحكم بالفعلية ليس على اللفظ الذي في هذا التركيب وإلا لنافى كونه اسماً مسنداً إليه، بل على مدلوله الواقع في نحو: ضَرَبَ زَيْدٌ، وكذا من حرف جر وأما نحو ضرب ثلاثي فيصح كون الحكم على هذا اللفظ بخصوصه. أو على مدلوله الذي في ضرب عمرو مثلاً. والمشهور تسمية هذا الإسناد لفظياً؛ لأن الحكم فيه على اللفظ لكن يصح تسميته معنوياً أيضاً، لأن المحكوم عليه مدلول اللفظ كما سيأتي إيضاحه آخر الباب. وأما تسمع ويريكم فمسبوكان بمصدر مع أن محذوفة، وقد روي أن تسمع على الأصل، وحذف أن مع رفع الفعل كما هنا قياسي، وقيل سماعي. وأما مع نصبه بإضمارها كما روي به تسمع فشاذ في مثله لعدم مقتضى الإضمار لكن سهله وجودها فيما بعده كما في قوله:

10 ــــ ألاَ أَيُّهذا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الوَغى
وأنْ أشْهَدَ اللَّذاتِ هَلْ أَنْتَ مُخلِدِي
بنصب أحضر وقيل يريكم صفة لمبتدأ محذوف أي آية يريكم بها البرق لا أنه المبتدأ كما في قوله:
11 ــــ وَمَا الدَّهرُ إلاّ تَارَتَانِ فَمِنْهُمَا
أَمُوتُ وَأُخْرى أبْتغي العَيْشَ أَكْدحُ
على رواية رفع أموت أي منهما تارة أموت فيها وأكدح مضارع من الكدح وهو التعب حال من فاعل أبتغي، وأجيب أيضاً بأن الفعل قد يراد به جزء معناه المستقل. وهو الحدث فيكون اسماً كالمصدر، ويعامل معاملة الأسماء؛ أي من غير حاجة إلى حذف أن أو إضمارها فيسند إليه كالمثال والآية، ويكون في محل جر بالإضافة. كَهذا يَوْمٌ يَنْفَعُ}
(المائدة:119)


ونحو ذلك. ويرد هذا الجواب قول الشنواني إن قلت: لمَ أطبقوا على تأويله مع صدوره عمن يوثق بعربيته، وهلا قالوا إنه فعل وقع مبتدأ؟ قلت: لإجماعهم على أن الحدث المدلول عليه بالفعل لا يكون إلا مسنداً أبداً، فجعله مسنداً إليه خرق لإجماعهم ا هـ. وأما يوم ينفع فمن مواضع سبك الجملة بلا سابك لإضافة اسم الزمان إليها. ومنها باب التسوية فتدبر.
قوله: (وَاسْتَعْمَلَ المُصَنِّفُ أل الخ) مقتضاه أن التعبير بالألف واللام هو الأصل، وهو مبني على أن المعرف اللام وحدها، والهمزة زائدة للوصل؛ إما على كونه الهمزة أصلية وصلت لكثرة الاستعمال فاللائق التعبير بأل لأن ثنائي الوضع ينطق بمسماه لا باسمه، بخلاف الأحادي. وإما على كون الهمزة زائدة معتداً بها في الوضع فيعبر بأل نظراً للاعتداد بها وهو الأقيس، وبالألف واللام نظراً لزيادتها، وقد استعمل سيبويه العبارتين أفاده المرادي، وأل في كلامه بقطع الهمزة لأنها اسم لقصد لفظها وحق الاسم قطع همزته إلا ما استثني.
قوله: (واسْتَعْمَلَ مُسْنَدَ الخ) أي فأقام المفعول مقام المصدر، وحذف صلته وهي إليه اعتماداً على التوقيف. كما قاله ابن الناظم. ولم يجعل للاسم صلته لئلا يلزم جهل من له التمييز، ولا متنازعاً فيه لأن المصنف لا يراه في المعمول المتوسط كالمتقدم. لكن جعله اسم مفعول أولى من هذا التكلف، أي من علامات اسمية الكلمة أن يوجد معها مسند فتكون هي مسنداً إليها. ولو صحت المصدرية لكان هو بنفسه مصدراً. إلا أنه من إقامة المفعول مقامه لأن الزائد على الثلاثة يأتي مصدره وزمانه ومكانه بلفظ مفعوله. ولذا أجيز في قوله تعالى: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً}

(المؤمنون:29)
كون منزلاً مفعولاً مطلقاً أو حالاً أو ظرفاً.


قوله: (بتا فعلت) اعلم أن ما كان من حروف الهجاء مختوماً بألف يجوز قصره ومده إجماعاً، كما في الهمع لكن تتعين هنا قصرتا للضرورة. وهي مضافة إلى فعلت بفتح التاء كما هو الرواية، ويجوز غيره وأتت معطوف عليها بتقدير مضاف أي وبتاء أتت، وأما عطفه على فعلت فيوهم اتحاد التاءين مع أنهما نوعان متباينان. إلا أن يجعل من استعمال المشترك وهو تا في معنييه أفاده ابن قاسم. وفعل مبتدأ خبره ينجلي، وبتا متعلق به، وقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ للضرورة على ما مر.قال الأشموني: ومسوغ الإبتداء بفعل قصد الجنس كتمرة خير من جرادة. وفيه أن العلامات لا تميز إلا ما في الخارج والجنس، وهو الماهية الذهنية لا يوجد خارجاً على التحقيق، ولا في ضمن الفرد. ولو قلنا بهذا، وكان المراد الجنس في ضمن بعض الأفراد، لكان حاصله أن المتميز هو الإفراد، لأن الحكم على شيء باعتبار شيء آخر حكم على الشيء الآخر. فإذاً، لا دخل للجنس في التسويغ بخلاف: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ. لأن الحكم بالخيرية إنما هو على الجنس من حيث هو، فالأحسن أن المسوغ التنويع لأنه نوع من الكلمة. ولعل هذا مراد المعرب بجعله المسوّغ كونه قسيماً للمعرفة أعني الاسم والحرف. فقوله للمعرفة بيان للواقع لا شرط في التسويغ كما يعلم بما يأتي. وقيل المسوغ. خروجه مخرج الجواب لمن قال أفعل ينجلي بشيء أو كونه فاعلاً في المعنى.


قوله: (وَالمُرَادُ بهَا تَاءُ الفَاعِلُ الخ) أي لا خصوص المفتوحة مثلاً ففيه مجاز مرسل، أو كناية من ذكر الملزوم وهو فعلت، وإرادة لازمة وهو الفاعل فكأنه قال بتاء الفاعل، وكذا قوله يا افعلي ونون أقبلن. والمراد بالفاعل من أسند إليه فعل على جهة القيام به، أو الوقوع منه ثبوتاً أو نفياً لا الفاعل اللغوي. وهو من أوجد الفعل لئلا تخرج تاء نحو: مت، وما ضربت، ولا الاصطلاحي لئلا تخرج تاء كان وأخواتها ويلزم الدور بأخذه في تعريف الفعل ثم أخذ الفعل في تعريفه بأنه الاسم المسند إليه فعل. ولا ترد التاء في نحو: ما ضرب إلا أنت لأنها ليست تاء الفاعل بل الدال عليه. أما مجموع أنت لا التاء وحدها أو أن فقط والتاء حرف خطاب على الصحيح.
قوله: (السَّاكِنَةُ) أي أصالةً، وإن تحركت لعارض، نحو: قَالَتُ أمَّةٌ} بنقل ضمة الهمزة إلى التاء في قراءة ورش وقَالَتِ امْرَأَةُ العَزِيزِ}

(يوسف:51)
بكسرها للساكنين و قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}
(فصلت:11)
بفتحها للألف وإنما اختصت الساكنة بالفعل ليعتدل ثقله بخفة السكون.
قوله: (فَقَلِيلٌ) أي فلا ترد لأن القليل لا حكم له. وأجيب أيضاً بأنها لتأنيث اللفظ، والمراد هنا تأنيث الفاعل.
قوله: (يَاءُ الفَاعِلَةِ) أي ولو مع المضارع لا خصوص الأمر كما مر. وبهذه الياء مع الدلالة على الطلب يعلم أن كلاً من هات وتعالى فعلا أمر لا اسمان له، فهما مبنيان على حذف الياء والألف كارم واخش.
قوله: (نون التوكيد) ودخولها في اسم الفاعل شاذ كما سيأتي فلا يرد.
تنبيه: بقي مما ذكره من علامات الفعل لم الآتية، ومثلها باقي الجوازم وزاد في التسهيل اتصاله بضمير الرفع البارز ولزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية. وبهذه تعرف فعلية التعجب أفعل التعجب، وزاد ابن الحاجب: قد، والسين، وسوف، وابن فلاح في مغنيه: النواصب، ولو، وأحرف المضارعة. ا هـ نكت.


قوله: (سواهما) خبر مقدم لا مبتدأ، لأن الحرف هو المحدث عنه وهي بمعنى غير. ورفعها مقدر على الألف بناء على الراجح من خروجها عن الظرفية، أما على أنها في محل نصب على الظرفية الاعتبارية دائماً فتتعلق بمحذوف هو الخبر. كما سيتضح في الاستثناء قيل: لا فائدة لهذه الجملة لأنه علم من قوله، واسم وفعل الخ. إن كلاً منها غير الآخرين ورد بأنه على حذف مضافين أي سوى قابلي علاماتهما ففيه إشارة إلى أن علامة الحرف عدم القبول، وهذا لم يعلم مما تقدم وقيل: هي تمهيد لتقسيمه إلى الثلاثة أقسام.
قوله: (فِعْلٌ مُضَارعٌ الخ) شروع في تقسيم الفعل، وعلامات كل قسم بعد ذكر العلامات مجملة، وبدأ بالمضارع لشرفه بمضارعة الاسم، والاتفاق على إعرابه، وثنَّى بالماضي للاتفاق على بنائه، وختم بالأمر للاختلاف في وجوده فإنه عند الكوفيين من المضارع لا قسم برأسه.
قوله: (كَيَشَمٌّ) خبر لمحذوف؛ أي وذلك كيشم بفتح الشين مضارع شَمَمْتُ الطَّيبَ من باب فَرِحَ على الأفصح لا علم كما قيل لأنه لا يوافقه في المصدر، وحكاه الفراء(3)، وغيره من باب نصر والأولى تتعين هنا دفعاً لسناد التوجيه، وهو اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد، وترك شد ميميه للضرورة. ويجوز كونه مضارع: شَامَ البَرْقَ يَشَامُهُ، إذا رآه حذفت ألفه حكاية لحالة جزمه.
قوله: (وماضي الأفعال) أي الماضي منها مفعول مقدم لِمِزْ أمر من مازهُ يميزُه، كباعه يبيعه بمعنى ميزه. وبالتاء متعلق به وأل فيها للعهد الذكري، أي التاء المتقدمة بنوعيها استعمالاً للمشترك في معنييه لا للجنس لئلا تدخل تاء الأسماء.


قوله: (وَسِمْ) بكسر السين أمر من وَسَمَهُ يَسِمُهُ، كوعده يعده إذا علمه بشد اللام وبالنون متعلق به، وفعل الأمر مفعوله، وأمر نائب فاعل لمحذوفه يفسره فهم لأن أداة الشرط لا يليها إلا الفعل. والمراد به الأمر اللغوي، وهو الطلب فلا دور في جعله علامة فعل الأمر الاصطلاحي. وجواب الشرط محذوف وجوباً أي فسمه بالنون لا جوازاً كما قيل لما نص عليه في المغني أنه يجب حذف الجواب إن تقدم على الشرط، أو اكتنفه ما يدل عليه أي مع كونه فعل الشرط ماضياً نحو: هو ظالم إن فعل وإنّا إِنْ شَاءَ الله لَمُهْتَدونَ}
(البقرة:70)
.
قوله: (والأمر) مبتدأ خبره هو اسم، وجواب الشرط محذوف دل عليه الخبر. ومن جعل هو اسم جواباً حذفت فاؤه للضرورة، فقد سها عن قاعدة متى تقدم المبتدأ على الشرط؟ فإن اقترن مع بعدهما بالفاء أو صلح لمباشرة الأداة كان جواباً، والخبر محذوفاً وإلا كان خبراً، والجواب محذوفاً كما هنا أفاده الحفني وغيره قبل الصبان، والمتجه كما في المغني أن الخبر في الحالة الأولى هو مجموع الشرط، وجوابه لا محذوف ثم هذه القاعدة محمولة على السعة لجواز حذف الفاء للضرورة. وقد جوز صاحب المغني في قول ابن معطي:
اللِّفْظُ إِنْ يُفِدْ هُوَ الكَلاَمُ


أن يكون هو الكلام جواباً حذفت فاؤه للضرورة وجملة الشرط؛ وجوابه خبر اللفظ. وأن يكون خبراً والجواب محذوفاً فكذا يجوز مثله هنا ولا سهو، ا هـ. قلت والله أعلم بيت ابن معطي تلزمه الضرورة على كل حال، إذ جملة هو الكلام إن جعلت جواباً كان فيه ضرورة حذف الفاء، أو خبراً كان فيه ضرورة حذف الجواب إذ شرط حذفه اختياراً مضي فعل الشرط لفظاً، أو معنًى كما سيأتي فلا مرجح لأحدهما، وحذف الجواب هنا اختياري لمضي شرطه معنىً. فكيف يعدل عنه إلى الاضطراري؟ فما قاله الحفني هو المتعين، فلا تكن أسير التقليد وبالله التوفيق والمراد الأمر اللغوي، وهو الطلب لا فعل الأمر لئلا ينافيه الحكم عليه بأنه اسم، وفيه حذف مضاف، أي ودال الأمر أي الدال عليه بنفسه، فخرجت لام الأمر لأن دلالة الحرف بغيره.
قوله: (مَحَلُّ) مصدر ميمي بمعنى الحدث أي حلول أو بمعنى المكان؛ وهو أولى لاحتياج الأول لتقدير مضاف أي قبول حلول، وفيه متعلق به، وإن كان اسم المكان لا يعمل لأن الظرف تكفيه رائحة الفعل، وللنون خبر كان أو عكسه، وهو أظهر على جعل محل مصدراً.
قوله: (نَحْوَ صَهْ الخ) الأولى التمثيل بنَزَالٍ، ودَرَاكٍ لأن اسمية ما ذكر معلومة من التنوين.

قوله: (وَحَيَّهَل) فيها ثلاث لغات سكون اللام وفتحها بلا تنوين، ومنونة، وكلام الناظم يحتمل الأولين، وكذا الثالث على لغة ربيعة من الوقف على المنصوب المنون بالسكون


قوله: (بخلوّه من علامات) أي من قبول شيء منها فعلامته عدم القبول،ولا يرد أن العدم لا يصلح علامة للوجودي كما صرحوا به لأنه في العدم المطلق، وهذا مقيد وكون بعض العلامات المجعول عدمها علامة له حروفاً لا يوجب الدور لأن جعلها علامات ليس بعنوان حرفيتها، بل بعنوان كونها ألفاظاً معينة، وهذا التعريف لما يسمى كلمة بقرينة أن الحرف من أقسامها فلا تدخل فيه الجملة، وإن كانت لا تقبل العلامات لأنها لا تسمى كلمة في الاصطلاح. بقي أن يقال: إن أريد بالعلامات التي لا يقبلها الحروف التسع المذكورة هنا فقط، دخل فيه ما ليس منه إذ لنا ألفاظ لا تقبلها، وليست حروفاً كقط وعوض ونزال ودراك. وإن أريد المذكورة هنا غيرها كان فيه حوالة على مجهول ويجاب باختيار الأول، ويكون تعريفاً بالأعم، وأجازه المتقدمون لإفادة التمييز في بعض الأفراد. فهو أخف من جهل الجميع، وسهله الاعتماد على التوقيف الذي لا يستغني عنه المبتدىء؛ على أن المراد بقبول العلامات ما يعم قبول اللفظ لها بنفسه، أو بمرادفه أو بمعنى معناه، وقط وعوض، يقبلان الإسناد إليهما بمرادفهما، وهو الزمن الماضي والمستقبل، فإن قولك: ما فعلته قط في قوة قولك الزمن الماضي ما فعلت فيه، ونزال تقبلها إما بمرادفها، وهو المصدر بناء على أن مدلول اسم الفعل الحدث أو بمعنى معناها بناء على أن مدلوله لفظ الفعل فتدبر.
قوله: (فَأَشَارَ بِهَلْ إِلى غَيْرِ المُخْتَصِّ) هي في الأصل تختص بالفعل لكونها بمعنى قد، كما هي في هَلْ أَتَى عَلى الإِنْسَانِ حِينٌ}
(الإنسان:1)


ولما عرض لها إفادة الاستفهام تطفُّلاً على الهمزة دخلت على الجملتين مثلها، لكن مع وجود الفعل في الكلام لا تدخل على الاسم، وإن كان معمولاً لفعل مضمر بل لا بد من معانقتها له لفظاً عند سيبويه. فلا يجوز: هل زيد أخرج، ولا: هل زيد رأيته. وبالأولى: هل زيداً رأيت بلا ضمير، وذلك لأنها إذا لم تر الفعل في حيزها تسلت عنه ذاهلة، وإلا حنت إليه لسابق الإلفة، ولم ترضَ إلا بمعانقته لفظاً. واكتفى الكسائي بوليها الفعل المضمر فأجاز الأولين دون الثالث.
قوله: (وَكُلُّ مِنْهُمَا إلخ) وبهاتين التاءين ردَّ على من زعم من البصريين حرفية ليس حملاً على النافية، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عسى حملاً على لعل، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين اسمية نعم وبئس مستدلاً بدخول الجار عليهما، في نحو: ما هي بنعم الولد لأن قبول التاء نص في الفعلية. وأما الجار فداخل على مقدر أي ما هي بولد مَقُولٌ فيه نِعْمَ الوَلَدُ كما سيأتي في بابه.

قوله: (تَبَارَكَتْ إِلى قَوْلِهِ نِعَمَتِ المَرْأَةُ) فيه إشارة إلى ما صرح به في شرح الكافية من تاء الفاعل تنفرد في تبارك كتاء التأنيث في نعم وبئس، لكن في البجائي على الآجرومية أنه يقال: تباركت أسماء الله ورد التصريح له بأن اللغة لا تثبت بالقياس، يرد بأن القياس نقل اسم المعنى إلى معنى آخر لجامع بينهما وهذا ليس كذلك، بل إدخال علامة في فعل يصلح لها أفاده الصبان. قلت والله أعلم: لعل المصنف راعى أن معنى تبارك التنزيه البليغ الذي لا يليق بغيره تعالى، فمنع التاء لامتناع التأنيث في جانبه تعالى، ولما لاحظ البجائي أن ذلك التنزيه يكون لأسمائه وصفاته أيضاً.
g أجازها باعتبار الجملة فتأمله فإنه نفيس جداً وبه يُرَدُّ ما في التصريح.


قوله: (فَإِنْ دَلَّتِ الكَلِمَةُ الخ) مثله إن دلت على معنى المضارع ولم تقبل لم فهي اسم فعل مضارع: كأوه، وأف، أي أتوجع وأتضجر وإن دلت على الماضي، ولم تقبل التاء لذاتها فهي اسم فعل ماض، كهيهات، وشتان أي بعد وافترق فإن لم تقبلها لعارض فلا يضر كفعلي التعجب، والاستثناء وحبذا في المدح لعروض ذلك من استعمالها كالأمثال التي لا تغيَّر. قال ابن غازي: ولو شاء التصريح بالثلاثة لقال:
وَمَا يَكُنْ مِنْها لِذِي غَيْرِ محَلْ
فَاسْمٌ كَهَيْهاتَ وَوَيْ وحَيَّهَلْ
أي وما يكن من الكلمات الدالة على معاني الأفعال غير محل لهذه العلامات فاسم الخ.
قوله: (وإِنْ كانَتْ صَهْ بِمَعْنَى اسْكُتْ) أي مدلولها لفظ اسكت بناءً على أن مدلول اسم الفعل لفظ الفعل لا معناه وهو الراجح، وبيانه أن كل لفظ مستعمل اسماً كان أو غيره له وضعان؛ وضع قصدي به يدل على معناه. كدلالة زيد على الذات المخصوصة ودلالة ضرب على الحدث والزمان، ووضع تبعي به يدل على لفظه الواقع في التراكيب فيكون علماً عليه، ولكون هذا الوضع تبعياً لا يصير به اللفظ مشتركاً ولا يفهم منه معنى مسماه. وقد اتفق لبعض الأفعال أنْ وُضع لها وضعاً قصدياً أسماء أخر غير ألفاظها تطلق؛ ويراد بها ألفاظ الأفعال لكن من حيث دلالتها على معانيها وسموها أسماء الأفعال، فصه مثلاً مدلوله لفظ اسكت باعتبار دلالته على طلب السكوت بخلاف اسكت، إذا قصد لفظه فإنه يكون مدلوله لفظ أسكت الواقع في التراكيب من حيث كونه لفظاً مركباً من س ك ت. لا باعتبار معناه ولهذا كان اسم الفعل كلاماً تاماً بخلاف هذا. كذا حققه التفتازاني في حواشي الكشاف والله أعلم.


Related Posts
Disqus Comments

Popular Posts

Pencarian

Bottom Ads